بداية دعونا لا نقسوا كثيرا على نواب البرلمان التونسي لأنهم لم يقفوا
بعد في صف الوطن أمام جائحة فيروس هزم أكبر الدول وأعظمها مدمرا اقتصادها
وثروتها البشرية…
فنحن لم نلمهم حين لم يبادروا حتى بالتبرع لخزينة
الدولة ببضع ملاليم من أجورهم،كما لم نلمهم لكثرة عوراتهم السياسية
وأخطائهم البرلمانية التي تصل حد خيانة الوطن بسلبيتهم وعنجهيتهم وتمسكهم
بسفاسف الأمور في الوقت الذي توجب عليهم الوقوف صفا واحدا لأجل الوطن…
نعم لم نلمهم بعد اعتقادا منا انهم مبتدؤون في عالم السياسة القذرة ،لم
نلمهم لأن لازادا معرفيا وعلميا وأكاديميا لأغلبهم وقلنا علهم يعتبرون من
مجلس النواب السابق وأخطائه الجسيمة في حق من انتخبهم على الأقل… لكن هذا
ماجنته علينا براقش وتلك نتيجة الصندوق …
مبادرة تكميم الأفواه أم تقييد الحريات ؟
في الوقت الذي ينتظر الشعب خطوات جريئة من نوابه للمساهمة في انقاذ نفوس بشرية أقسموا على حماية حقوقهم زمن حملاتهم الإنتخابية وحتى لحظة اداء القسم بعد الفوز بالتدارك وبنتيجة هزيلة، يخرج علينا النائب مبروك الكورشيد عن حزب تحيا تونس ووزير أملاك الدولة والشؤون العقارية السابق، بمبادرة موقعة من 46 نائبا وهي مقترح قانون عدد 29-/2020 يهدف الى تحوير نصوص الفصول 245 و247 من المجلة الجزائية ( مع طلب إحالتها بصفة مستعجلة على انظار اللجنة المختصة طبقا لأحكام النظام الداخلي)وهي كما يلي :
الفصل 245 جديد – ويعتبر قذفا علنيا كل افشاء لخطب كاذب أو مشكوك في صحته بين مستعملي الوسائل الالكترونية ومرتادي منصات التواصل الاجتماعي، من شأنه أن يسيء إلى الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات بكل طريقة سواء كان ذلك بالافتعال أو النشر أو التوزيع أو الارشاد اليها بصفة أصلية أو عرضية.
الفصل 245 مكرر – يتولى وكيل جمهورية تونس أو من ينوبه متابعة الجرائم
الالكترونية واماطة اللثام عن فاعليها والتحري على شخصياتهم المعلنة أو
المخفية لدى الجهات المختصة.
على المؤسسات المعنية ذات الصلة والمساعدة
على اكتشاف الجريمة أو مرتكبيها مد يد العون له فورا وفي أقصر الآجال التي
يعينها.وله في ابان الحملة الانتخابية أو في أجل الستة أشهر التي تسبقها
اتخاذ التدابير الحمائية اللازمة لمنع تواصل المضرة المترتبة عن وقوع
الجريمة الالكترونية وله وبطلب من المعني بالأمر أن يأذن بالنشر الفوري
لقرار التتبع من أجل الجريمة الالكترونية المقترفة في وسائل الاعلام
الوطنية والجهوية التي يقدرها ضرورية لحماية المستهدف من الاخبار المكذوبة.
وتحمل مصاريف ذلك على ميزانية الدولة ويقع الرجوع بها على الجاني.
الفصل 247 جديد – ويعاقب مرتكب القذف الالكتروني بالسجن مدة عامين وبخطية مالية تتراوح بين عشرة ألاف دينار وعشرون ألف دينار.
ويرفع العقاب الى الضعف إذا كان القذف واقعا أثناء عملية انتخابية أو في الستة أشهر السابقة لوقوع الانتخابات.
كما يضاعف العقاب إذا تم من شخصيات مستترة أو متنكرة تحت أي مسمی ويضاعف العقاب المنصوص عليه بكل الفقرات المتقدمة في حالة العود.
وفي كل الأحوال لا يقع العمل بأحكام الفصل 53
لكن ان كانت المبادرة كما يقول صاحبها والموقعون معه لا نعلم ان كانوا قد اجتموعوا واستشاروا بعضهم في كل بنودها أم اعتمدوا نقطة توقيع المبادرة لأجل التوقيع ولعمري لا اعتقد ذلك فالكل له مصلحة من ورائها شخصية طبعا فالشعب قد انتخبهم ليصلوا البرلمان ويفكروا في أنفسهم وليس فيه…
ما شد انتباهي في وثيقة المبادرة الموجهة لرئيس البرلمان والموقعة من بعض النواب جمل جد عميقة في فقرة شرح الأسباب لادراج نصوص قانونية وتعديلها بالمجلة الجزائية لمنع الاعراض وافساد المناخ الديمقراطي عبر الجرائم الالكترونية ،يقول نص المبادرة :لذلك فان الممضين اسفله من مختلف الكتل والتوجهات من نواب الشعب يتقدمون بهذا المشروع بغاية حماية الديمقراطية وترسيخ قدمها في تونس ودعم الاعلام النزيه والشفاف وابعاد المال الفاسد داخليا وخارجيا…
نعم كلام جميل لكن هلا طبقتموه على من هم في قبة
البرلمان أولا ؟ تهددون من ينقدكم تحت مسمى اخبار كاذبة واشاعات بالسجن في
حين أنكم تواصلون كنواب الكذب على الشعب والتعمق في ذلك؟ هل وفى أي منكم
بوعوده تجاه منتخبيه؟ طبعا لا اذن الا تعتبرون نوابا كاذبين ؟ هل ماتقومون
به اليوم من سب وشتم وهتك للأعراض بين بعضكم وأمام مرأى ومسامع الشعب في بث
مباشر على القناة الوطنية تشمله المبادرة ؟ألا يدخل تحت مسمى التشويه
والقذف والسب والشتم؟ وهل فكرتم في عقاب يشرعه المواطن الذي لا ذنب له في
مشاهدة استعراض بطولاتكم وعضلات السنتكم ببديع القول ومالذ وطاب من سفاهته
حتى تكفوا عن صراع الديكة كلما اجتمعتم داخل البرلمان؟
عجبي هل تشرعون
لتقييد الحريات في الوقت الذي تنتقون حضور الجلسات في البرلمان وتتغيبون عن
عملكم الذي انتخبكم من أجله الشعب؟ ولكن يبدو أن قاعدة باب النجار دون باب
لن تتغير أبدا.
في اول اختبار عميق منذ” احتلالكم” لمقاعد البرلمان
بطريقة هوجاء شعواء ونحن نتظر منكم قرارات جريئة تخدم الشعب وتجعلنا
نحترمكم على الأقل رغم اننا نعي جيدا انكم لاتصلحون للسياسة ، ومذ
“احتللتم” قبة البرلمان وانتم تصولون وتجولون داخل بوتقة مصالحكم الضيقة
ومشاكلكم الحزبوشعبوية.
فنحن لم نجدكم مستميتين هكذافي المصادقة على إتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية أو في قانون تجريم التطبيع طبعا الامر ليس نفسه لقد نسيت أن المصالح الضيقة هي التي تحكمكم وفي الأخير مايهمكم هو صلاحياتكم وحصانتكم وجوازاتكم الدبلوماسية ،أما الشعب فالى الجحيم…
النقاط الجيدة
رغم كل
هذا هناك نقاط جيدة في هذه المبادرة ان طبقت بعيدا عن حساباتكم الضيقة
واحتراما للحرية الرأي والتعبير مسار الحريات انطلق في تونس ولن تحبطه
النوايا رغم سوئها.
نعم نحن نحتاج لوضع حد للشائعات خاصة وأنها أثبتت
نوايا الكثيرين في اثارة الرعب وخيانة الوطن لكن لا مجال لتقييد وتكبيل
الحريات والعقوبات السجنية المراد منها مصلحتكم لا مصلحة الوطن
فاليوم
أضحى من السهل معرفة زيف الأخبار وبهتانها فشعبكم الكريم فيه من الصحفيين
والمواطنين من كافة المحالات من يحارب غول الاخبار الزائفة ويعي جيدا من
وراءها وماهي غاياته وهو نفسه الذي تجند لاسعاف الوطن كل من موقعه وينتظر
منكم مبادرات اكبر وأكثر عمقا ومازال لديه أمل فيكم رغم خذلانكم له …
استمروا في عزفكم المنفرد …
النائب كورشيد المحامي المتهم بالفساد بعد ان سجلت عدة قضايا فساد مالي وإداري ضده خاصة أثناء توليه منصب وزير أملاك الدولة، اذ اتهم بالاضرار بمصالح البلاد التونسية، إثر تدخل الحكومة التونسية لدى الاتحاد الأوروبي لرفع التجميد عن مروان المبروك، رجل الأعمال وصهر الرئيس السابق بن علي.والذي سجّلت ضده قضية جزائية إلى جانب مسؤولين ورجال أعمال بعد اتهامهم من قبل الشركة التعاونية للزيوت بالشمال التونسي بالتدليس. عبر اخفاء وثائق ملكية أرض يبلغ ثمنها حوالي 50 مليار وتفوق مساحتها 12 هكتارا بالعاصمة وتحديدا بالزهور 4 بهدف تحقيق مصالح خاصة، خرج اليوم بمبادرة عنوانها جميل لكن محتواها يحتاج لتطبيق ماجاء في العنوان بطرق أنجع وخدمة للوطن
الى هنا ويكفي مهاترات نحن اليوم رغم الوباء نتجرأ على الحلم بتونس أفضل نتجرأ على التشبث بالحياة رغم انتشار الفيروس لأننا نحب الحياة نتجرأ على أمل وقوف نوابنا في صف الشعب والوطن ولو مرة في التاريخ ،بينما أنتم تتجرؤون علينا على شعب هو اليوم في حاجة لترككم حساباتكم الشخصية ووساخة سياستكم وغبنكم وخيانتكم للوطن
وختاما لا تنسوا سادتنا نواب البرلمان الموقرين أن الدستور التونسي في فصله الثالث يقول ” الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات يمارسها بواسطة ممثليه المنتخبين أو عبر الاستفتاء”.
وفي فصله الخمسين يقول : “يمارس الشعب السلطة التشريعية عبر ممثليه بمجلس نواب الشعب او عن طريق الاستفتاء” فاستمروا في عزفكم المنفرد …
الصحفية نجوى الهمامي